admin في خدمه الجميـــع
التسجيل : 07/09/2008 مجموع المساهمات : 3687 شفـيعي : St.maria & El pope kyrillos الـعـمـل : في خدمه الجميع هـوايـتـي : مزاجي :
بطاقة الشخصية لقبك: خادم الجميـع
| موضوع: التداريب الروحية الثلاثاء 20 أبريل - 7:46 | |
| التداريب الروحية بقلم: البابا شنودة الثالث
إن الدين ليس هو مجرد معلومات, ولا مجرد امتلاء من المعرفة الدينية, فالمعرفة وحدها لا تكفي, فماذا يستفيد الإنسان لو كان يعرف كل المعلومات عن الفضيلة, دون أن يسلك فيها.
إننا نقرأ كثيرا ونستمع الي الكثير, ونهتم بأن نحشو أذهاننا بالمعلومات فهل تغيرت أحوالنا بمجرد المعلومات؟ أم ينبغي أن تتحول المعلومات إلي عمل؟! إن كثيرين من أصحاب المعرفة لهم ضعفات ثابتة, تكاد تصل إلي مستوي الطباع, وتستمر معهم علي مدي سنوات طويلة, وكذلك لأنهم لم يدربوا أنفسهم علي ترك تلك الضعفات. من هنا كانت أهمية التداريب الروحية: فبها يدخل الإنسان في مواجهة عملية مع نفسه. إما ترك خطاياه, أو اكتساب فضائل تنقصه, أو النمو روحيا. وهكذا يحول بها المعرفة الروحية إلي حياة, وكذلك يحول الاشتياقات الروحية إلي حياة عملية. وفي التدريب العملي يعرف حقيقة نفسه ومن أين يأتيه الخطأ؟ ماهي أسبابه ومصادره ويدخل بالتدريب في طريق المقاومة, ويعرف العقبات التي تصادفه, وأسلوب الانتصار عليها.
والتداريب الروحية تدل علي أن صاحبها سهران علي خلاص نفسه يكتشف أخطاءه ونقائصه ويتدرب علي تفاديها. لذلك أنصحك أيها القارئ العزيز أن تكتشف أخطاءك أو الأخطاء التي يكشفها غيرك لك. لأنه بدون اكتشاف أخطائك لا يمكنك أن تدرب نفسك علي تركها. لأنه لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي, فلا تتضايق إذن ممن يظهر لك عيبا فيك بل استفد من هذا الكشف لكي تتدرب علي التخلص من ذلك العيب, بل أنت نفسك حاول أن تفحص ذاتك جيدا في ضوء وصايا الله.
واحذر من تبريرك لنفسك والتماس الأعذار في أخطائك. فالذي يبرر نفسه يبقي دائما بحيث هو لا يصلح من ذاته شيئا, لأن ذاته جميلة في عينيه بلا عيب!! أما الذي يحاسب نفسه بدقة ولا يعذر نفسه مطلقا مهما كانت الظروف فهذا هو الشخص الذي يمكنه ان يعرف عيوبه ويمكنه أن يدرب نفسه علي تركها. إن كنت تستحي من أن يكشف لك الغير خطأ فيك فلاشك أن تستحي من نفسك من نفس الخطأ! فأجلس إذن إلي ذاتك وكن صريحا مع نفسك إلي أبعد الحدود. وحاول ان تطرق نقط الضعف التي فيك ونقط النقص التي تكشفها لك القراءة الروحية, أو تدركها من سماعك لبعض العظات التي تشعر أنها تمس حياتك.. فلو أنك دربت نفسك كل أسبوع, أو حتي كل شهر علي مقاومة نقطة ضعف واحدة, لأمكنك في عام واحد أن تتخلص من12 نقطة ضعف, وثق بأن الخطايا يرتبط بعضها بالبعض الآخر. بحيث أن تخلصك من خطيئة معينة, قد يخلصك من خطايا أخري عديدة مرتبطة بها.
كما ان تدربك علي فضيلة معينة وبخاصة لو كانت من الفضائل الأمهات, لابد أن ذلك سيقودك إلي فضائل أخري ما كنت قد وضعتها في تدريبك. الفضائل أيضا مرتبطة بعضها ببعض, كحلقات في سلسلة واحدة. إن الإنسان الروحي الذي يدرب نفسه علي حياة الفضيلة, يكتسب في كل تدريب, دون أن يقصد, فضيلة ضبط النفس, وفي ذات الوقت يكتسب معونة إلهية تساعده علي ترك الخطية, لأنه من الواضح انك إن بدأت في تدريب نفسك في حياة الفضيلة, لابد أن نعمة الله ستبدأ معك أيضا. فالله ـ جلت قدرته ـ لا يتركك وحدك في تدريبك, بل سيعمل معك لأنك بالتدريب تظهر أنك جاد وملترم بالسلوك في الحياة مع الله. وهذا الشعور ستتجاوب معه المعونة الإلهية. وأن كان الشيطان يحاربك لتكسر التدريب, فإن النعمة سوف تسندك لتنجح فيه. المهم أنك لا تتراجع ولا تتراخي ولا تكسل في تدريباتك, بل كن حازما مع نفسك. وإن دربت نفسك علي فضيلة, فاعلم أن الثبات في الفضائل أهم من بدء اقتنائها, لأنه ما أسهل أن يسير الإنسان في فضيلة ما يوما أو يومين أو ثلاثة أو أسبوعا ولكن المهم أن يستمر حتي تصبح هذه الفضيلة عادة فيه, أو تتحول الي طبع. وهكذا تحتاج التداريب الي مدي زمني طويل تكاد ترسخ في أعماق النفس. لأن كل تدبير لا يثبت فيه الإنسان زمنا يكون بلا ثمر. فالاستمرارية هي المحك العملي لمعرفة عمق الفضيلة فيك. وأيضا تعطي فرصة لاختبار المعوقات التي تقف ضد التدريب وطريقة الانتصار عليها, لهذا فإن القفز السريع من تدريب إلي آخر, لا يفيد روحيا, ذلك لأن كثيرين يريدون أن يصلوا إلي كل شيء في أقل فترة من الوقت, فتكون النتيحة أنهم لا يصلون إلي أي شيء!! أو أنهم يضعون أمامهم تداريب عديدة في نفس الوقت بحيث ينسون بعضهم أولا يستطيعون التركيز عليها جميعا. أما أنت فاسلك في تداريبك بحكمة, شيئا فشيئا لكي تصل وهنا أضع أمامك بعض الملاحظات: ليكن تدريبك محددا وواضحا فلا تقل مثلا: أدرب نفسي علي المحبة وكلمة المحبة تشمل فضائل عددية جدا بل يمكنك الاكتفاء بعنصر واحد تركز عليه ثم تتابع بعد ذلك. ولا تقل لنفسك: أريد أن أتدرب علي حياة الاتضاع والوداعة, بينما تكون هذه الكلمات غير واضحة في تفاصيلها أمامك. وهكذا لا تفعل شيئا إنما قل مثلا: أريد في حياة الاتضاع ان أدرب نفسي علي أمر واحد فقط, وهو إنني لا أمدح ذاتي, فإن أتقنت هذا, قل لنفسك: أدرب ذاتي علي أني لا أسعي وراء مديح الناس. فإن أتقنت هذا قل أدرب نفسي علي شيء آخر. وهو إن مدحني أحد أتذكر في الحال خطاياي وتقصيري وأبكت ذاتي من الداخل. فإن لم تستطع شيئا من كل هذا أدخل في تدريب آخر لآن التدريب ينبغي أن يكون في حدود إمكانياتك, بحيث يمكنك تنفيذه عمليا.
هناك شخص يريد أن يدرب نفسه علي ترك أخطاء الكلام فيقول: أريد أن أدرب نفسي علي الصمت, ولا يستطيع ذلك, وقد يصمت فترة يمكن أن يتكلم بأخطاء كثيرة! كما قال المثل: سكت دهرا, ونطق كفرا.. إنما يستطيع هذا الإنسان أن يدرب نفسه علي بعض نقاط في أخطاء الكلام, فمثلا يدرب نفسه علي عدم الإطالة في الحديث.. كما يحتاج الي كلمة لا يقول فيها جملة وما يحتاج إلي جملة, لا يلقي فيه محاضرة وإن فهم محدثه ما يريد فلا داعي لأن يزيد ثم يدرب نفسه علي عدم مقاطعة غيره في الحديث. أو يدرب ذاته علي الصمت الهادئ أما أن يدخل في التدريب علي مقاومة كل أخطاء اللسان, فلن يصل إلي شيء مرة واحدة.
(جريدة الأهرام)
| |
|