تركتني وحيداً في صحراء الجفاء بين الموت والحياة أصارع ظمأ الحرمان، اقرأ ما ترسمه النجوم على الرمال الذهبية من شوق وحنين، لا أجد بين أسطرها سوي لوحة مرسومة، تزين قلاع الهجر الموحشة على ضفاف أنهار السراب.
رَحلت مع ذوبان الفجر، والجليد المتكدس على جبال حبي وشوقي لعيونها، جارفه نبضاتي بين سيول لا اسمع منها رنين يطرب أذناي، وصهيل الخيول تسابق الرياح لوعه وهمسات لزنبقة اقتلعتني من جذوري.
أبحرت بشراع فى محيط عشقي وطيف عمري، وسافرت معها للامجهول، أحمل آهات الألم، وطهارة القلب، وأقدمها فداء لسحرُ عيون أشرقت من بين الظلمات..
بين لهبُ الشوق وحرُ الصيف هرولت إليها، لا أدرك سوي إنني أحتضن فراشات الورد تعانق قرص الشمس، وتزرع حباً فى بستان العمر….
كانت وحيدة تتنهد بين أضلعي… تداهم ذكرياتي وتداعب أشواقي… تحدثني حتى ساعات الفجر عن مدينة الحزنُ التي شيدت بالدموع.. بالحنين.. بالآهات…
أحببت… أغنية تراقَصتْ على أنغامها نبضات الفؤادِ، زهرةٌ باسمة خضراء بين الماء والخضرة… حروف تعزف سيمفونية اللقاء، وتشذوا أروع الألحان….
وفجأة أطرقت باب الهجر، غائبة مع القمر بين سحابات الشتاء القاتمة، لم يعد لها وجود…. فانتظرت حورية البحر تحدثني، وقارئه الفنجان تقرأ كفي، وتعلمني النطق بأحرف اسمها، ولا زلت تلميذا في بحور اللغة أبحر في العمق.
أغرقتني بين ضلوعها، وأروتنى من الوهم… وأنا باحثا.. هائماً مع العشق.