[size=21]إليك
الآن نداء إلهيّ يقول: " الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ
تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ " ( مز95: 7،، فصوت الله يُنادي، يرن في الأُذن، عن
طريق الأنبياء ينادى، وعن طريق الخدام يُنادي، بأعمال المحبة يُنادي، وفى
التأديبات يُنادي لإيقاظ ضمائرنا وتنبيه عقولنا، صوت الرب يناديك لتهرب من
نجاسات العالم، لتُنكر الفجور والشهوات العالمية وتعيش " بالتَعَقلْ
واَلَبرْ والتَقوىَ " (تي12:2).
ضع في اعتبارك أنَّ كل وقت يمضى وأنت بعيد عن الرب، تزداد الخطية تأصّلاً
في قلبك، وما لا تُتممّه اليوم قد لا تُممّه في الغد، لأنَّ الحياة: "
بُخَارٌ يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ " (يو14:4)، أليس مكروباً
صغيراً لا يُرى بالعين كافٍ أن يقضى علينا؟! ولا تنسى الميتات الفجائية
التي تقضي على الإنسان فى لحظة، فكم من أُناس خرجوا من بيوتهم سالمين،
وعادوا إليها محمولين على الأكتاف، فالوقت مُقصّر والأيام شريرة، ولأتفه
الأسباب يموت الإنسان "! لأنَّ سمة الإنسان الأساسية ليس قوته بل ضعفه!
إنَّها دعوة الآن للخروج من سجن إبليس المظلم، والانحلال من قيوده، انتهر
هذا الصديق الشرير وتحرر من صداقته الفاشلة، وقل له: قد أفنيت حياتي في
خدمتك! لكنى لم آخذ منك سوى الحزن والألم والخزي والعار والفقر والمرض..
لقد وجدت من هو أحسن منك، يسوع حبيبي الذي سأصادقه مدى الحياة، لأنّه لا
يأخذ منى شيئاً بل يُعطيني بسخاء ولا يُعيرني، يُعطيني محبّة، فرح،
سلام... التي هى ثمار روحه القدوس، أنت تجرح وهو يعصب جروحي، أنت تُميت
وهو يحيى، أنت تهلك وهو يُخلّص ما قد هلك، أنت إلى الموت تُسلمني وهو إلى
الحياة الأبدية يقودني.
قد أوشكت حياتك أن تغرق فى بحر العالم المملوء إثماً والمضطرب بأمواج
الشر، ولكي تعبر لابد من سفينة، وليس هناك أفضل من سفينة التوبة ذات
الأشرع الحريرية والمجاديف الذهبية، نستطيع بها أن تصل إلى بر الأمان.
لا تيأس فالأرض مهما امتلأت أشواكاً، بمجرد أن تُفلح تصير جيدة وصالحة
للزراعة، فابدأ من الآن بحرث تُربة قلبك من جديد، إجمع أشواكها واحرقها
بنار الحُب الإلهيّ، وأروها بماء التوبة، وألقِِ عليها بذار الإيمان
والرخاء، وتأكد أنّها سوف تثمر، ولا تقل: إنّي سقطت ولا أستطيع القيام،
فاليأس من حيل الشيطان، وهو الذي قاد يهوذا الإسخريوطيّ إلى الانتحار! فما
أكثر الذين قد سقطوا وقاموا من قبلك، وها سليمان الحكيم يقول: "
الصِّدِّيقَ يَسْقُطُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَقُومُ " (أم16:24)، وكيف لا
نستطيع القيام والمسيح قد وضع لسقوط وقيام كثيرين؟ (لو34:2).
تطلّع إلى راحاب الزانية، التي سقطت مراراً، وقد لقبت بالزانية، كيف عندما
تابت قبلها الرب، وزادها شرفاً بأن جاء من نسلها المسيح؟ وانظر إلى
السامرية والحياة الفاسدة التي عاشتها، لقد عاشت مع ستة رجال في الخطية،
ولكن ما أن تقابلت مع يسوع ورأت الطهارة تملأ عينيه، تحرَّكت عواطفها
النبيلة، فآمنت وبشَّرت بعريسها السماوى (يو18:4)، وتأمّل سقطة داود الملك
والنبيّ العظيم.. كيف زنى وقتل؟! ألا يستحق هذا الزاني الموت رجماً
بالحجارة كما تنص الشريعة، لكنه تاب ونظر الله إلى توبته أكثر مما نظر
لسقطته.
ظلت مريم المصرية (17 سنة) تحيا فى الخطية وبسببها قد هلك شبان كثيرون،
ولكنها عندما تابت قبلها الله وصارت قديسة عظيمة، وها نحن الآن نُطوّبها
ونطلب شفاعتها، أيضا أُغسطينوس كان يشرب الإثم كالماء، وقد وصل به الفساد
أن أنجب طفلاً من الزنى، ولكنّه عندما عزم على ترك الفساد ليحيا مع الله
قَبِله فرحاً!
فتقدم إلى الطبيب وأسكب أمامه دموعك، فالطبيب السماويّ يريد أن يشفى
جراحاتك بدموع التوبة الصادقة، فهى أعظم دواء لأخطر داء، ولا تخف منه فهو
ليس قاسياً، ولا عديم التحنن، ولا فاقد الرحمة، ولا يستعمل دواء مضراً
ومؤلماً، لتكن لك الثقة فى المراحم الإلهية، فالله على استعداد أن يقبل
توبتك ويغفر لك، ولو كنت على فراش الموت، هذا ما فعله السيد المسيح مع
اللص اليمين وهو فى آخر لحظات حياته.
منقوووووووووووووول
[/size]