مَن هو الأعظم؟
سألهم: بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق؟ فسكتوا، لأنهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعض في مَن هو أعظم ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، 34)
في مرقس9: 33، 34 يصل الرب إلى ضمير تلاميذه ويكشف عن حالة الضعف التي هما فيها بسؤال بسيط يقوله لهم وهو منفرد بهم في البيت: «بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق؟ فسكتوا، لأنهم تكلموا في الطريق مع بعضهم في مَنْ هو أعظم» ومنذ ذلك التاريخ، نجد أن أصل أغلب المُشاحنات والخلافات بين شعب الله هو رغبة كل واحد في أن يكون أعظم.
فمهما كان موضوع المناقشة ، نجد أن الذات هي التي تكمن وراء هذا النزاع. فالذات لا تريد أن تتعظم فقط، بل تريد أن تكون هي الأعظم. فإذا أراد أحد المؤمنين أن يكون هو الأعظم، فسوف يؤدي عاجلا أو آجلاً إلى حدوث خلافات، إذ سوف يتمسك هذا الشخص بأقل هفوة لأخيه لكي يُنقص من شأنه ولكي يرفع نفسه ويعظم ذاته.
ونفس فكر مَن يكون أعظم، يُرينا كيف أن التلاميذ فشلوا في معرفة أن الملكوت هو لإظهار كل ما في الله من محبة ونعمة وبر وقوة. وهكذا قد نقع نحن في يومنا هذا في فخ اتخاذ الكنيسة مجالاً لتعظيم أنفسنا. لقد فعل الكورنثيون هذا باستخدام المواهب بطريقة جسدية، ولقد فعل الغلاطيون الشيء نفسه باستخدام الناموس، كما كان الكولوسيون في خطر اتباع الديانة الجسدية.
عندما تكثر المشاحنات بين المؤمنين، تأكد أن ذلك هو من ضعف الإحساس بحضرة الرب. وبصبر لا حدّ له ينصح الرب تلاميذه ويعلمهم. فنجده لا يقوم ويتركهم بسبب غلاظة قلوبهم لتفكيرهم في عظمتهم الشخصية في نفس الوقت الذي كان يذكّرهم فيه بأنه على وشك أن يُقتل ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]- 32)، ولكنه «جلس ونادى الإثنى عشر» من حوله، وأخذ يوضح لهم برِفق؛ طريقة العظمة الحقيقية «إذا أراد أحدٌ أن يكون أولاً، فيكون آخر الكل وخادمًا للكل» (ع35). قد نكون مستعدين في بعض الأحيان أن نخدم بعض الأشخاص العظماء أو بعض القديسين المكرسين، ونفعل هذا لتعظيم ذواتنا وسعيًا وراء الشُهرة، ولكن هل نحن على استعداد لأن نخدم الكل وبلا تفرقة. ولقد قيل ”المحبة أقوى من كل شيء، وهي تُسرّ بأن تَخدم لا أن تُخدم“، وأيضًا ”الأعظم هو ذلك الذي يعتبر نفسه الأصغر“.