+ حديثنا اليوم عن " الظلم " ، وهو بمناسبة المظالم الكثيرة والكبيرة الحادثة فى عالم اليوم ، سواء بين الدول وبعضها ، أو بين الناس وبعضهم ، أيضاً المظالم الصارخة جداً لأولاد الله من أهل العالم الظالمين لهم بشدة ، ومن منا لم يتعرض لظلم ما ، سواء فى مجال الدراسة أو العمل ، او من بعض الناس ، وقد يكون منهم أقرب المقربين لنا ، وحتى كلية الطهر أم النور تحملت ظلم اليهود فى حياتها ، وبعد نياحتها ، ومما رددوه عنها من أقاويل كاذبة .
+ والظلم خطية مركبة ، تضم عديد من الخطايا المهلكة : كالإفتراء والقسوة ، والكذب والخداع والغش ، والإغتصاب لحقوق الغير ، ولا سيما من لا حول لهم ولا قوة مثل اليتامى والأرامل والمساكين ، وسوف ينتقم الرب من الظالمين لهم .
+ وقد حذر القديس يعقوب من ظلم الأغنياء للعاملين عندهم ( راجع 5 : 1 – 6 ) لأنهم لن يستفيدوا شيئاً من الأموال التى يجمعونها بالظلم والعنف ، وسيعاقبون بشدة ( كو 3 : 25 ) ، ( لو 16 : 10 ) ، ( لو 13 : 27 ) يوم الدين .
+ وأكبر " ظالم " فى العالم هو إبليس ، وأكبر " مظلوم " هو الرب يسوع ، " الذى ظلم ولم يفتح فاه " ( إش 53 : 7 ) ، وهو مثال لكل مؤمن يحاربه الأعداء الخفيون والظاهرون ، فى كل مكان ، وعلى مثاله احتمل الشهداء والمعترفون العذابات العديدة والشديدة ، وطلبوا لمُعذبيهم الرحمة والمغفرة ، لأنهم نالوا أكاليل عظيمة ، لقاء الآم وقتية ( رو 8 : 17 – 18 ) .
+ وطالب القديس بولس شعب كنيسة كورنثوس باحتمال الظلم من أجل الله ، وتساءل وقال : " لماذا لا تُظلمون بالحرى ؟ لكنتم أنتم تَظلمون وتسلبون !! " ( 1 كو 6 : 7 ) . فالمظلوم سيُنصفه الله ، أما الظالم فسوف يقتص منه ، فى دنياه وفى سماه ( أع 7 : 7 ) .
+ وقال مار إسحق السريانى : " كن مظلوماً لا ظالماً ، ومطروداً لا طارداً " . وقال قداسة البابا شنودة : " كن مصلوباً لا صالباً " ، وقال المثل الشعبى " يا بخت من بات مظلوماً ، لا ظالماً " .
+ وترجع خطية الظلم إلى الأنانية ، ومحبة العالم ( الماديات ) ، ونسيان عقاب الرب فى الأبدية ، والطمع والجشع ، والتربية الأُسرية السيئة ، والتعصب .
+ وتسود المظالم فى عالم اليوم ، فى كل مجال ، ويؤدى إلى العوز والحاجة ( أم 22 : 16 ) وقد يُقصر العمر ( إر 17 : 11 ) .
+ وقد سجل الوحى المقدس أمثلة صارخة للظالمين ، وكيف نالهم العقاب ، مثل قايين ، وأخوة يوسف ، وفرعون موسى ، وشاول الملك ، وهامان الوزير القاسى ، وآخاب الملك وزوجته إيزابل ، وهيرودس القاسى القلب ، واليهود الذين ظلموا الرب يسوع ، فتشتتوا فى كل العالم ، بعد تدمير أورشليم ، وعانوا للآن .
+ ولا تحزن أيها المظلوم – اليوم – لأن الرب سينجيك ، ويعوضك ( خر 3 : 9 ) ، ( تث 26 : 7 ) ، ( قض 2 : 10 ) ، ( 2 مل 12 ) ، ( إش 52 : 4 ) ، فأحذر الظلم ، حتى لا يُدركك الآلم ( راجع مز 103 : 6 ) ، ( جا 5 : 8 ) ، ( إر 22 : 17 ) ، ( حز22 : 7 ) ، ( مى 2 : 2 ) ، ( مل 3 : 5 ) .
+ وتذكر أن الذى كسب ، هو أنبا بولا ، الذى ترك كل أرضه لأخيه الظالم ، الذى ورث الطين ، وورث القديس بولا ملكوت السموات الثمين .
+ والشخص الحكيم ، هو الذى يؤمن جيداً أنه غريب فى الدنيا ، وأنه يمكن أن يرحل فى أى لحظة ، وبأية وسيلة ، وسواء فى كامل صحته أو فى مرض ، أو حتى نائماً فى فراشه . والمهم الإستعداد الدائم للموت ، وليس التفكير فى الموت ذاته ، ولكن ماذا سيكون بعده ؟! .
+ والحقيقة أن هناك اللقاء السعيد مع رب المجد يسوع ، أو العذاب الأبدى مع الشياطين ، التى يُطيعها الأشرار ، وترحب بهم فى قاع الجحيم ، ثم اللقاء الدائم فى قاع جهنم .
+ والإنسان حر فيما يختار ، الفرح الأبدى أو العذاب الأبدى !! ولا يوجد مكان آخر ، ولا عذاب مؤقت ، كما تخدع به الشياطين بعض الناس ، فى العالم الآن ، فهل تفكرون ( يا أحبائى ) جيداً ، فى هذا الأمر الخطير جداً ؟! .