عادل جبران مشرف عام
التسجيل : 08/08/2009 مجموع المساهمات : 1589 شفـيعي : العدرا الـعـمـل : مدير عام بالتربية والتعليم هـوايـتـي : مزاجي :
بطاقة الشخصية لقبك: مستر المنتدي
| موضوع: الأمانة المسيحيـــــة الأربعاء 11 أغسطس - 16:55 | |
| الآمانه المسيحيه
قال أحد الاخوة: "إن المحبة كالإناء الجميل الذي يمتلئ شراباً. فإذا ذقته وكان لذيذ الطعم، قلتَ إن هذا الشراب يستحقّ أن يوضع في هذا الإناء الجميل. وإن كان رديئاً، قلتَ لا يجوز لإناء رائع أن يحوي هذا الطعم الكريه. إن الشراب هو الأمانة، فهي طعم المحبة. فإن كنتَ أميناً، كانت محبتك طيبة المذاق. وإن لم تكن أميناً، ضاع طعم المحبة وصارت كأي إحساسٍ لا يُغنيك. فمثلاً إذا نظرت زوجين سعيدَين، وقالا أنهما يُحبّان بعضهما، فبدون أدنى شكّ تعرف أنهما أمينَين لبعضهما. وإذا علمت يوماً بعدم أمانتهما، فصعب جداً عليك أن تصدّق إدّعاءهما المحبة الزوجية. هكذا علاقتنا بالرب مبنيّة على الأمانة. فإن كنّا غير أمينين له..نعبد آلهة أخرى، كالمال أو الجسد، تاركين الخطيئة تشوّه الإناء الذي قدّسه وسكنه الرب..فإن طعم محبّتنا له مكرهة لديه ولا نجرؤ إدّعاء محبّته. أما إن كانت أجسادنا طاهرة وكنّا أمناء للهيكل الذي سكنه الروح القدس وقت المعمودية، صار لحياتنا طعماً لذيذاً..يحبّه الرب..وإلينا يأتي..وعندنا يجد له مقرّاً. الأمانة لله لها رموز كثيرة: فإذا عبدنا المال، خُنّا الأمانة، وصرنا كمن يزني عليه. وإن لم نحفظ وصاياه، فلسنا أمينين على ما وعدناه به عندما قبِلناه سيّداً وحبيباً. وكذلك إن لم تكن نوايانا طاهرة، فإن محبتنا هي بغير طعم أيضاً. وإن لم نقدّم له كل ما نملك من مواهب كي ينميها ويكثّرها، نكون غير أمينين على وزناته. وبذلك نسجن محبتنا له في قفص، فلا نتركها تحلّق وتطير في السماويّات بل نقيّدها بالأرضيات الضيّقة الحدود. إخوتي، لمَ لا نترك أرواحنا تعيش بأمانة مع الرب؟ فهو عريس نفوسنا الذي نترقّبه وننتظره بشوق. والعريس دائماً ينتظر من عروسه أن تكون أمينة له. فإذا وجدها غير ذلك، سيعاتبها قائلاً: ‘لمَ تركتِ محبّتي الأولى..؟ انتظرتك حتى تكبري يوماً بعد يوم وتتزيّني بالفضائل..سقيتكِ حبّي ورحمتي وتعزيتي، وانتظرتُ أن تأتيني حاملة ثمار الحُب الطاهر! فلمَ انخدعتِ بشهوات العالم وابتعدتِ عنّي؟..انظري للنبتة، فهي لا تنمو بدون ماء..وأنا الماء الحي الذي يروي ظمأكِ، فلمَ تركتِني؟!’. إن الأمانة للمحبة شيء لا ينفصل عنها. ولأن الرب حنون ورؤوف كثير الأناة، قبِل..رغم كل عدم أمانتنا له..أن نعود إليه مرّة أخرى، فيغفر لنا ويسكن فينا من جديد. حتى الذين خالفوا كل الوصايا وصاروا بعيدين جداً عنه، يعود ويقبلهم. لأنه جاء ليدعو خطاة وليس أبراراً للتوبة. إن الرب القدير أمين دائماً لوعوده. ورغم الخطيئة التي أبعدت الإنسان عنه، إلاّ أنه حقّق وعده وأرسل ابنه الوحيد كي يكسر قيود الهاوية منتصراً على الشيطان الذي أرادنا ويريدنا أن نخون عهد محبتنا لله، فلا نوفي بوعودنا ونخسر أمانتنا له. إن الأمانة للرب عاشتها المرأة الخاطئة حين أحبّته كثيراً، فغُفر لها كثيراً. كذلك المخلّع الذي غفر له الرب الكثير، وعده أن لا يعود للخطيئة ثانية؛ بل أن يحبّه كثيراً.
بالأمانة تستطيع محبتنا أن تكون قوية وصلبة تجاه الشدائد والضيقات التي لا ينفكّ الشرير أن يحيكها لمحبّي الله. بالأمانة يرتبط الزوجان بعلاقة حُب قوية وثابتـة. فكيـف إذا كانت مبنيّـة على صخرة الإيمان بالمسيح؟ فسيتحوّل بيتهم إلى كنيسة صغيرة، لأنهم عرفوا على ماذا يبنون، مختارين الأساس الثابت الذي لا تؤثّر به أمطار ولا رياح. إنه الأساس الوحيد في العالم الذي تنبع منه القوة. إنه الرب يسوع صخرة حياتنا". وفي أمسية أخرى كان الجو بارداً، فأوقدوا ناراً. قال أحدهم: "انظروا يا اخوتي لهذه النار. إنها تُدفئنا، ولكن لا تحرقنا. هكذا هي المحبة الصحيحة، تُدفئ القلب وتمنع البرد من أن يلمسه. البرد الذي نحسّه نتيجة وحدتنا وغربتنا في هذا العالم. ولكن المحبة تشعله وتدفعه للعمل، فننسى همومنا، وتتّقد فينا محبة الله ومحبة القريب. أما المحبة الخاطئة هي كالنار تحرق وتدمّر كل شيء. وكثيراً ما يقع الإنسان في مصيدة المحبة الخاطئة..ينجذب إليها من أنانيته وحب امتلاكه فيحترق هو ومن أحبَّه. فمثلاً عندما تربّي الأم ابنها بمحبة خاطئة، تدفعه لأن يصبح كسولاً وأنانياً، وربما لأكثر خطورة من ذلك. تماماً مثل كثرة الماء والسماد تُفسد النبات. كذلك عندما تتمركز الشمس في نقطة ما، فإنها تحرقها. لكن محبة الله لم تُؤذِ ولم تحرق العلّيقة التي اشتعلت بها. هكذا حلّت محبة الله في أحشاء القدّيسة البتول، فلم تتشوّه ولم تحترق حين حملت بالحب الإلهي!. كما تُضيء لنا النار هذه الساحة التي نجلس فيها..هكذا هي المحبة أيضاً تُضيء كل ما حولها. وبذلك نستطيع أن نرى، ونميّز ما نرى. بواسطتها نعرف الخير من الشرّ ونميّز مشيئة الله الصالحة. وبما أن الله محبة، فهو نور حياتنا، يفتح كل الأركان المظلمة والزوايا والخبايا في داخلنا كي ينيرها. وأيضاً يفتّش في كل اللفائف والكتب المنسية في حياتنا السابقة ليطهّرها ويضيئها. وهكذا نؤمن بوجوده الدائم في حياتنا. لقد كان معنا..حتى في حياة الظلمة. أشرق علينا ببصيص من نوره، فدفعَنا للقائه والبدء معه. افتحوا الآن قلوبكم يا اخوتي للمحبة، ودعوا دفئها يذيب الجليد الذي صنعته مصالح هذا الدهر وشهواته..بل دعوا نورها يخترق قلوبكم، فتصبحون كالسراج المنير الذي يوضَع على المنارة فيضيء ويُدفئ قلوب مَن حولكم! لأنه هكذا أرادت محبة المسيح أن كل من يستريح فيه يصبح هو أيضاً مصدر سعادة لقريبه. حتى إن خفتَ نور سراجنا، فلا نيأس..لأنه لن يُطفئه، بل سيُشعله من جديد. بنور المحبة نجذب الآخرين للرب لأنهم يرونه من خلالنا..بدفئها نعزّي القلوب الصغيرة المشرّدة في الطريق، الخائفة في السجون، المتألّمة في المشافي، الحزينة في المياتم. كلها تحتاجنا نحن أبناء المحبة، لنقوّي ضعفها ونشدّد عزيمتها. هكذا من يحبّ المسيح، يلهج طوال أيامه بالمحبة، وفكره مشغول بها، وقلبه هائم بها. لأننا بها نلمس الله الذي لا تلمسه أيادينا..نلمسه بقلوبنا، ونُحسّ بوجوده..لأن روحه القدّوس، روح المحبة، موجود فينا
| |
|