كاتب سيرة القديس هو الانبا بموا _ بينما كان الانبا بموا فى قلايته اشتهى ان يرى احد من السواح فاذا بصوت من السماء يقول قم يا بموا و اسرع عاجلا الى البرية الجوانية حيث تلتقى بالانبا كاراس ستعرفه عندما تراه و تاخذ بركته لانه مكرم عندى جدا اكثر من كل احد لانه كثيرا ما تعب من اجلى وسلامى يكون معك
فاسرع على الفور الانبا بموا الى الجبل وكان يمشى هائما منتظرا ارشاد الرب فى الطريق حتى تعب و ناشد الرب قائلا ارحمنى يا رب انا الخاطى واعن ضعف طبيعتى
وسار حتى وجد نفسه عند قلاية يسكنها سائح و عندما قابله بادره قائلا
اغابى يا انبا بموا نورت البرية كلها يا كاهن شيهيت الذى استحق ان يكفن جسد القديسة ايلارية بنت الملك زينون فتعجب الانبا بموا من معرفة السائح له و تسائل كيف عرفتنى و عرفت اننى كفنت القديسة ايلارية فاجاب الشيخ اولاد المسيح كلهم جسد واحد
فسائله الانبا بموا عن اسمه و عن الفترة التى قضاها فى البرية فاجابه قائلا اسمى سمعان القلاع و اعيش فى البرية منذ 60 عام
فساله الانبا بموا كيف دبرت حياتك طوال هذه المدة فاجاب بان ربنا هو الذى يستطيع ان يدبر حياته كل يوم سبت يجد خبزة موضوعة على الحجر الذى امام المغارة وساله القديس هل هناك ما يشبهك فى البرية فاجاب هناك قديس عظيم يعيش فى البرية العالم كله لا يستحق وطأة قدميه وهو الانبا كاراس السائح فبارك الشيخ الانبا بموا و انصرف فى طريقه الى القديس الانبا كاراس
وبينما هو فى طريقه وجد سائح اخر فسأله عن اسمه و كيف يعيش هنا فاجابه ان اسمه هو ابامود القلاع يسكن فى البرية منذ 90 عاما و يعيش على تمر النخلة الموجودة داخل القلاية
فساله الانبا بموا هل هناك ما يشبهك فى البرية فاجاب هناك قديس عظيم صلاته منفعة للبرية كلها هو الانبا كاراس حبيب الملائكة فطلب الانبا بموا من القديس ان يباركه و انصرف يبحث عن الانبا كاراس
وبينما يسير فى البرية اياما وجد قلاية فدخلها فاجابه من بداخلها لماذا تاخرت با انبا بموا و سلما على بعضهما وقال له الانبا بموا انه مشتاق ان يعرف سيرته فاجابه الانبا كاراس انه فى اشتياق اكثر لتسليمه سيرته كما امره السيد المسيح لكى ينطلق و يعيش معه
وبدأ الانبا كاراس فى سرد سيرته الى الانبا بموا قائلا :-
كنت اعيش فى قصر اخى الامبراطور ثيؤدوسيوس وكان البابا كيرلس الكبير هو بابا الاسكندرية وبدعة نسطور فى ذلك الوقت كانت منتشرة وقد ارسل البابا كيرلس الى نسطور فى القسطنطينية رسالة مع احد الاباء الرهبان تقول ( من لم يعترف بان الله الكلمة تألم فى الجسد وصلب فى الجسد تألم وصلب وذاق الموت ومن لم يعترف بأنه صار بكر الاموات وانه اله وانه حياة ومعطى الحياة فليكن محروما )
فمزق نسطور الرسالة ورفضها وتتطاول على البابا كيرلس فجحده الراهب واعترف امامه بقوة ان السيد المسيح هو الله و انه فى الآب و الآب فيه وانه ليس اقنومين ولا شخصين و ان العذراء مريم هى والدة الاله
ونصحه احد اتباع نسطور وكان لايؤمن بافكاره بان يذهب الى القصر ويقابل الامير كاراس فذهب الراهب الى القصر وطلب مقابلة الامير كاراس وحكى له ما يفعله نسطور
فغار الامير كاراس على السيد المسيح غيرة شديدة جدا وذهب الى نسطور وعنفه عندما قال له نسطور ان المسيح ليس آله و انما انسان عادى يستمد قوته من الاله ( الروح القدس ) وذكره بما قاله السيد المسيح ابوكم ابراهيم تهلل ان يرى يومى فرأى وفرح الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن فتعجب نسطور قائلا هل اتيت من روما الى القسطنطنية لتقول هذا الكلام فقط ما المطلوب منى
فقال له الامير احتفظ بتعاليمك الشريرة لنفسك و لا تنشرها بين البسطاء اللذين يثقون بك فرفض نسطور وقال له انه لا يأخذ اوامر الا من الملك ثيؤديسيوس فقط
فذهب الامير كاراس الى الملك وطلب منه ان يتدخل فورا فى بدعة نسطور الذى يشكك فى الوهية المسيح ابن الانسان وفى البداية رفض الملك المساعدة و قال له انها مسئولية رجال الدين فأخبره ان البابا كيرلس بابا الاسكندرية حاول ان يحلها مع نسطور لكنه رفض واهان الراهب الذى ارسله ولكن الملك لم يقتنع و تركه دون رد ولكن من داخل الملك كان يحسد الامير كاراس على قوته و غيرته على السيد المسيح
صلى الامير بحرارة الى الرب ليرد بدعة نسطور وهرطقاته وطلب من الرب ان يموت ولايرى لاهوت المسيح يهان وبكى بحرارة شديدة
وبينما الامير كاراس يصلى دخل عليه تابعه وابلغه ان البابا كيرلس ارسل خطاب الى الامبراطور يقول فيه ان ابائك كانوا غيورين على الكنيسة مؤيدين لها مدافعين عن عقائدها وقد عانى رجالها فى تثبيت الايمان الارثوذكسى الصحيح فنالوا منه البركة وفى عهدكم الزاهر ظهر نسطور هذا الذى يريد ان يشتت البيعة بضلالة فهل تأمر بعقد مجمع عام للنظر فى موضوع هذا الرجل فندعو لك ونبارك ملكك
فحث الامير الملك على اجابة البابا كيرلس باسرع وقت فابتسم الملك وقال ان والدنا كان دائما يقول انه لولا ان كاراس صغير لكنت افضل ان يكون الملك وليس انت يا ثيؤديسيوس لانه يجمع بين الوداعة والحكمة من محبة المسيح وقوته وقال الملك للامير كاراس انا لست ضعيفا ولست اقل حبا للمسيح منك وسوف اصدر قرار للقبض على نسطور وعمل مجمع مسكونى من كل اساقفة العالم لردع ومناقشة بدعة نسطور فشكر الامير الرب
وعن حياة الامير كاراس فى القصر كان يتميز الامير بالمحبة الشديدة والرحمة وفى احدى المرات دخل الى السجن فوجد احد الحراس يجلد شخص بشدة فانتهر الامير الحارس وسأله لماذا تجلده فاجابه بان الملكة هى التى امرت بذلك فسأله لماذا ؟ اجاب الحارس سرق مجوهراتها فاقترب منه الامير وسأله هل سرقت فأجابه السجين لم اسرق فقال له الامير انا اعرف انك ذقت حلاوة المسيح فلا يمكن ان تنظر الى مجوهرات او غيرها وصرف الحارس وحل وثاقه و اطلقه
انزعجت الملكة من تصرف الامير كاراس وتضايقت منه جدا وملأ الشيطان قلبها وامرت الحارس بقطع رقية العبد الذى سرقها واثناء تنفيذ الحكم وجد الامير كاراس المجوهرات اسفل شرفة الملكة فى الحديقة واسرع محاولا انقاذ العبد لكن الوقت لم يسعفه فكان سيف الجلاد اسرع من من الامير وقطع راس العبد فاعطى الامير المجوهرات للملكة وبكى على العبد لانه لم يستطع انقاذه فى الوقت المناسب
مرضت الملكة جدا بعد ذلك واحتار الاطباء فى تشخيص مرضها فطلبت خادمة الملكة من الامير ان يذهب اليها ويصلى لها فسأله ارمانيوس تابعه ان لا يذهب اليها لانها ظلمت العبد وقطعت رأسه
فاجابه الامير ان السيد المسيح قال احبوا بعضكم بعض وبولس الرسول قال ان كان لى كل الايمان ان انقل الجبال وليس لى محبة فلست شيئا وقال له لا تدع الكراهية تتملك قلبك
وكانت حالة الملكة تزداد سوءا يوما بعد يوم ونصحته خادمة الملكة بأن شفائها لن يكون الا فى مصر لان اطبائها على اعلى مستوى وقديسوها كثيرون ويمكن ان يستجيب الرب لصلاتهم
فارسل الملك الملكة الى مصر وبصحبتها الامير كاراس واتجهوا الى صعيد مصر وهناك كان فى انتظارهم الوالى واصطحبهم الى جبل العامود حيث القديس اباهور وطلبوا مقابلته _ فى البداية رفض القديس ولكن تلميذه قال له انها تتألم ومن يراها يشعر بالأسى من اجلها فتحنن القديس وخرج لمقابلتها وتقابل القديس اباهور مع الامير كاراس فقبل الامير يد القديس اباهور وطلب منه ان يذكره فى صلاته فقال له القديس باركنى انت يا ابنى ربنا هيديك بركة ونعمة كبيرة فى عينيه
وقعت الملكة تحت رجل القديس ليصلى لها فأمرها القديس ان تقوم وقال لها ان هذا هو تأديب من الرب لقساوة قلبها لكن رب المجد قادر ان برحمها بشرط توبتها
وصلى القديس على ماء وطلب منها ان تشرب وربنا قادر على الشفاء وبمجرد ان شربت الماء شفيت سريعا من مرضها وحاولت ان تعطى القديس مالا فرفض قائلا مجانا اخذتم مجانا اعطوا
فلما عرف الامبراطور فرح جدا واراد ان يدعو القديس لكى يعيش فى القصر او اى قصر من قصور روما يختارها القديس فضحكت الملكة و افهمت الملك ان هؤلاء القديسين مع المسيح لا يريدون شيئا على الارض
ثم اقترحت الملكة على الامير كاراس ان يتزوج فتركها الامير كاراس وصلى الى الرب يسوع طالبا منه ان يرشده هل يتزوج ام يعيش فى البرية مثل القديس اباهور
ودارت صراعات نفسية داخل القديس انتهت الى عزمه على الحياة مع المسيح وترك القصر وجاء الى برية مصر عام
وطلب من الرب ان يرشده الى المكان الذى يريده الرب ان يتوحد فيه وبينما كان منهك القوى ظهر له ملاك الرب فى هيئة راهب واعطاه ان يشرب ويتقوى وترك له اناء الماء وسأله القديس الى اى اتجاه يريده الرب ان يتجه فى البرية فأجابه الملاك ان يذهب الى الناحية الغربية نحو البرية الجوانية واختفى
وفى احد المرات تعرض القديس لتجربة من الشيطان فبينما كان يصلى الى الرب ويشكره على الحياة وسط القديسين سمع صوتا يناديه مولاى كاراس عدة مرات واذا بتابعه ارمانيوس يأتى البه مسرعا فأندهش القديس وسأله ما الذى اتى بك الى هنا وكيف عرفت مكانى
فاجاب ارمانيوس هل نسيت يا مولاى اننى الوحيد الذى اخبرته عن رغبتك فى الحياة داخل البرية الجوانية فى مصر وقال له الامبراطور ثيؤديسيوس مات والقائد فابيوس يحاول ان يستولى على العرش وهو نسطورى يؤمن بنسطور واذا اصبح الامبراطور سيفرض الفكر النسطورى على كل كنائس العالم فأنزعج القديس العظيم وهاجمته الافكار وطلب ارشاد الرب وقام ليصلى قائلا لتكن مشيئتك يا رب وطلب من ارمانيوس ان يصلى معه فتهرب ارمانيوس لكن القديس رشم الصليب وصلى مزمور بستجيب لك الرب فى يوم الضيق فاختفى ارمانيوس فى الحال وتحول الى شيطان اخذ يهدد القديس كاراس ثم اختفى
وظل القديس هائما فى البرية سنوات دون مأوى ورغم انه كان بلا مأوى الا انه كان سعيد لانه كان يتشبه بالسيد المسيح عندما قال للثعالب اوكرة ولطيورالسما اوكار لكن ابن الاتسان ليس له ان يسند رأسه
وفى يوم وهو يسير فى الصحراء يسبح ويشكر الله اذ بصوت من السماء ( كاراس منذ زمن تعبدنى وانت بلا مكان تعيش فيه انظر الى الجبل الذى امامك هناك مغارة اسكن فيها باقى ايام حياتك )
شكر القديس الرب لانه يفكر ويهتم به واسرع القديس الى المغارة وعاش فيها ايام حياته
وبينما القديس يحكى سيرته الى الانبا بموا توقف عن الكلام وسرح ورأى بالروح شيطان يضايق شيخ فى البرية واخذ الشيخ ينادى القديس كاراس فذهب اليه بالروح وانتهر الانبا كاراس الشيطان قائلا :- اتعلم من تضايق ؟ انه ابن الملك ملك الملوك ورب الارباب ورشم الصليب على الشيطان فاختفى فى الحال
وعاد الانبا كاراس بالروح الى الانبا بموا وقال له انها رحلة عمرها اكثر من تسعون عاما منهم 57 عام فى البرية وها قد جاءت الساعة التى اخاف منها طول حياتى وطلب القديس رحمة الرب
ولما أشرقت شمس اليوم الثاني كان الأنبا كاراس راقداً لا يستطيع الحراك وإذ بنور عظيم يفوق نورالشمس يضئ علي باب المغارة ثم دخل إنسان منير جداً يلبس ملابس بيضاء ناصعة كالشمس. وفي يده اليمني صليب مضئ وكنت في ذلك الحين جالساً عند قدمي القديس كاراس وقد تملكني الخوف والدهشة وأما هذاً الإنسان النوراني فقد تقدم نحو الأنبا كاراس ووضع الصليب علي وجهه ثم تكلم معه كلاماً كثيراً وأعطاة السلام وخرج. فتقدمت إلي أبينا القديس الأنبا كاراس لأستفسر عن هذا الإنسان الذي له كل هذاً المجد فقال لي بكل ابتهاج هذاً هو السيد المسيح وهذه هي عادته معي كل يوم يأتي إلي ليباركني ويتحدث معي ثم ينصرف فقلت له يا أبي القديس إني أشتهي أن يباركني رب المجد.
فقال لى فبل ان تخرج من هذا المكان سوف ترى رب المجد يباركك ويتكلم معك أيضاً ولما بلغنا اليوم السابع من شهر أبيب وجدت الأنبا كاراس قد رفع عينية إلي السماء وهي تنغمر بالدموع ويتنهد بشدة. ثم قال لي أن عموداً عظيماً قد سقط في صعيد مصر وخسرت الأرض قديساً لا يستحق العالم كله أن يكون موطئاً لقدميه. إنه القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وقد رأيت روحه صاعدة إلي علو السماء وسط ترتيل الملائكة وأسمع بكائاً وعويلاً علي أرض صعيد مصر كلها وقد اجتمع الرهبان حول جسد القديس المقدس يتباركون منة وهو يشع نوراً.
ولما سمعت هذاً احتفظت بتاريخ نياحة الأنبا شنودة وهو السابع من أبيب.
وفى اليوم التالى الثامن من ابيب ظهر نور شديد ثم دخل رب المجد ومعه رؤساء الملائكة وقال له السلام لك يا كاراس قد جاهدت الجهاد الحسن واكملت السعى وحفظت الايمان والان وضع لك اكليل البر فسأل القديس الرب ان يبارك اخيه بموا فقال الرب للانبا بموا لك السلام يا بموا اكتب ما تسمعه وما تراه لاجل نفع الناس فشكر الانبا بموا الرب لانه اختاره لهذه النعمة
فقال الرب للانبا كاراس ( يا حبيبى كاراس كل انسان يعرف سيرتك ويذكر اسمك على الارض يكون معه سلامى وانا احسبه فى مجمع الشهداء و الابرار – كل من قدم قربانا او بخورا او زيتا او شمعا تذكارا لاسمك انا اعوضه اضعافا فى ملكوتى – وكل انسان يطعم جائع او يسقى عطشانا او يأوى غريبا او يكسوا عريانا تذكارا لاسمك انا اعوضه اضعافا فى ملكوتى – كل من يكتب سيرتك انا اكتب اسمه فى سفر الحياة ومن يعمل رحمة فى يوم تذكارك اعطييه ما لم تراه عين وما لم تسمع به اذن وما لم يخطر على قلب بشر ) وسأله ان يسأل طلبة يصنعها له قبل انتقاله فطلب القديس ان يرى داوود فى الجسد فللوقت حضر داوود وشكر القديس الرب على كل ايام الفرح والسرور التى عاشها معه وبينما القديس فى ابتهاج عظيم اذ بروحه تخرج من جسده الى حضن مخلصنا الذى اخذها واعطاها الى الملاك ميخائيل واغلق الرب المغارة وانطلقوا معا الى السماء وسط تراتيل وتسابيح
وتبين ان نياحة القديس كانت فى يوم الثامن من ابيب علم 451 ميلاديا
صلواته فلتكن معنا امين