ركب الصياد البحر وهو لا يعرف اذا كان سيرجع لأهله أم لا . لقد اعتاد الصياد على هذا الامر، بالذات الذي يصيد في مياه البحر. إذ أن البحر شديد التقلب.
لذلك يخرج الصياد من بيته ويركب سفينته ويدخل الى العمق سعياً وراء رزقه. أثناء ذلك قد يواجه بحرا ساكناً وأيضاً قد يواجه العواصف. وعند حدوث العاصفة قد ينجح في التغلب عليها وقد لا ينجح. ومع ذلك لم تمنع هذه الفكرة الصيادين من ركوب البحر. بل وجدوا فيها متعة مع الرزق.
ولكن الخوف من الموت أيضا كان موجوداً. لذلك نمت أسطورة بين الصيادين، وهي أن الصياد يمكن أن يواجه العاصفة بل ويواجه الموت أيضاً، ولكن مع ذلك يظل على قيد الحياة ويعود سالما.
ولكن الذي سيموت، هو من يرى ذلك الشبح الآتي من بعيد ماشيا على سطح الماء، إذ يكون قد رأى ملاك الموت الذي لا فكاك من بعده.
لم يرى أحد من الصيادين ذلك الملاك وعاش ليحكي ما رآه. ولكن الأسطورة نمت وأصبحت في ضمائر الصيادين كما لو كانت حقيقة واقعة. وذلك في بحيرة طبرية الصغيرة التي تواجه الكثير والكثير من العواصف الفجائية، والتي راح ضحيتها العديد والعديد من الصيادين.
لذلك عندما يموت صياد من الصيادين غرقاً في العاصفة .. لا يقولون أنه مات أو أنه غرق . ولكنهم يستخدمون ذلك التعبير "فلان جاءه المهلك".
أسطورة تحولت الى حقيقة مع الوقت
الكتاب المقدس يحكي لنا عن تلاميذ المسيح الذين واجهوا خطر الموت، وظلوا يواجهونه طوال الليل بصبر الصياد الخبير، ولكن لم يخبرنا الكتاب المقدس أنهم خافوا إلا بعد أن حتى ذلك الشبح الآتي من بعيد.
كان من الطبيعي أن يعرف كل واحد منهم أن نهايته قد اقتربت. يقو ل إنجيل متى " أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسْطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّة وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْر فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ:«إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا" (متى 14: 24-27)
وهنا ملاحظات بسيطة. ان التلاميذ ظلوا طوال الليل يواجهون الموت ولكنهم كصيادين قدامى كانوا يواجهون ذلك الموت بصبر عالمين أنه سيتغير حال الطقس ما أن يبزغ النهار. لذلك هم يتعاملون مع الموج بصبر وطول أناه. ولكن الامر تغير مع الهزيع الاخير من الليل. لم يعد للصبر والرجاء معنى فقد أتى ذلك الخيال معلنا نهاية الامر كله. – هكذا تصوروا - لذلك أصابهم الهلع وصرخوا ما أن رأوا ذلك الخيال الذي سمعوا عنه من قبل كاسطورة!!.
في الواقع أن الهزيع الرابع يشكل بالنسبة لله وقتا في غاية الأهمية، إذ هو الوقت الذي يتحرك فيه الله، ولكن بالنسبة لنا لا نعرف متى يكون ذلك الهزيع الرابع الذي يأتي الينا. أحيانا نواجه المشاكل بصبر وكل فترة تتعقد الامور أكثر. ومع ذلك يظل رجائنا ثابت. ولكن يأتي الوقت الذي فيه نصاب بالهلع إذ أن الموضوع لم يعد في حيز الامان بل استفحل الامر وصار هناك خطر أكبر من مقدرة الإِنْسَانٌ.
وفي هذه القصة ظن التلاميذ أن الموت هو الآتي اليهم ماشيا على الماء. ولكننا نرى أن النجاة والحياة هي التي أتت. لذلك لا معنى للخوف. إذ لا مكان للأسطورة مع تلاميذ السيد. لأن السيد يكسر كل مقاييس الامور. فبدلا من الموت يعطي حياة... وبدلا من الخوف يعطي الطمأنينة .. بل بدلا من الخوف من الماء ركوبه .. هكذا أمر بطرس .. وهكذا فعل بطرس .. وحتى بعد لحظات الضعف التي سببت في أن بطرس يرجع ليغرق لم يعاقبه السيد على ضعف ايمانه بل مد يده وانتشله.
عزيزي
هل تواجه ظروف صعبة سأتركك مع باقي الآيات لتعرف انه لا مكان لأسطورة الموت مع معطي الحياة "فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ:«يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاء فَقَالَ:«تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً:«يَارَبُّ، نَجِّنِي فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ:«يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟ وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ:«بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ"
من جديد أختم بهذه العبارة " مع معطي الحياة لا مكان لأسطورة الموت
منقول"