الشركة الروحية
فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان؟ فقالا ربي الذي تفسيره يا معلم: أين تمكث؟ فقال لهما تعاليا وانظرا. فأتيا ونظرا أين كان يمكث، ومكثا عنده ذلك اليوم ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]،39) كان سؤال الرب للتلميذين «ماذا تطلبان» فاحصاً لدوافعهما في اتباعه. إذ توجد أسباب متنوعة للسير وراءه. سار وراءه الكثيرون ليأكلوا خبزاً أو لشفائهم من أمراضهم، ولكن ما أقل الذين تبعوه لشعورهم بحاجتهم العميقة لشخصه، واجتذبوا إليه بسبب كماله والرغبة في زيادة معرفتهم به. وكان جوابهما سؤالاً «أين تمكث؟»، ويُرينا السؤال ليس الرغبة في معرفة مكان إقامته، بل الشوق إلى الوجود في الشركة معه والتمتع به.
وفي إجابة الرب لسؤالهما لم يذكر لهما اسم المكان بل قال لهما «تعاليا وانظرا». وعدم ذكر المكان يتفق وإنجيل يوحنا الذي يتكلم عن ابن الله الذي لا تحده السماء والأرض، وإن ظهر في المشهد فهو لا ينتسب في الأرض إلى مكان معروف له اسم، لكن مكانه في حضن الآب حيث المحبة، فهو لم يترك ذلك المكان قط. كما أن إنجيل يوحنا يتكلم عن الرب كالغريب وإن اتخذ لنفسه هنا مكاناً مؤقتاً فلا يكون لهذا المكان اسم، وكل الذين يريدون أن يرتبطوا به يجب أن تكون لهم هذه الصفة بدون مكان أو اسم.
كان الرب يعرف دوافعهما، قرأ قلبيهما، عرف أنهما يطلبان محضره، وشخصه، والشركة معه. وهو لا يرفض أي شخص يشتاق إليه، وقال لهما «تعاليا» التي تدل على الترحيب بهما، وهو لا يزال يقولها لكل الذين يشعرون أن حملهم ثقيل. ولم يكن يقصد بكلمة «انظرا» مجرد الزيارة القصيرة، بل كان يقصد ما عمله التلميذان «فأتيا ونظرا أين كان يمكث، ومكثا عنده ذلك اليوم» لقد ربح ثقتهما، واجتذب قلبيهما.
وكلمة «مكثا» تفيد الشركة الروحية، ولا يذكر ليل لأنه حيث ابن الله لا يكون هناك ليل بل النهار الكامل. وما حدث مع التلميذين سوف يحدث مع العائلة السماوية التي سوف تكون مع الرب في ذلك النهار الكامل في الوقت الذي يكون فيه ليل على الأرض.
تشتاقُ نفسي أن تراه وتمكثُ في حضرتِه ويذوبُ قلبي في دفئِهِ هللويا ما أحلى يسوعْ!