س:
في اكتر الأحيان عندما أبداء بالصلاة في البيت لا أستطيع التركيز فاشرد في
الصلاة ومن تم انتبه لشرودي وأركز من جديد ومن تم اشرد بالفكر أو بصورة ما
!!!
ودائما أقول في قلبي سأتابع صلاتي فان الله يعرف جيدا ما في القلوب ,,, أنا منزعج من شرودي فماذا أفعل ؟!!!
+ سبب شرود الذهن هو عدم القدرة على ضبط الفكر ، ومعظم أسباب الشرود في الصلاة تنشأ بسبب سعة خيال الإنسان ...
وهبنا الله ملكة الخيال لنتصور به حوادث الماضي لنحيا فيها ، ونتعمق في
بركات معاملات الله فيها فنتشجع ، ونرى أخطاء الماضي فنتوب عنها ونحذر من
الوقوع فيها مره أخرى ، وأيضاً الخيال يتقدس دائماً بسيرة القديسين فيتصور
في عقل الإنسان وقلبه صور حيه لسيرتهم الحلوة فتنطبع على حياتنا : "
أنظروا لنهاية سيرتهم " ( عب13: 7 )
الخيال عموماً هو الذي يربط حقائق الماضي بوقائع الحاضر بأماني المستقبل ...
وهناك قدر وسعة للخيال تختلف درجاتها بين شخصٍ وآخر ، فيوجد من له خيالاً
جباراً غير محدود ، يتصور الأشياء على طبيعتها دون أن يراها !
فحين يقع نظر صاحب الخيال الجبار على بعض الأمور العادية التي لا تكاد
تسترعى نظر الآخرين حتى يرى فيها جمالاً وروعة مخفية ويستخرج منها معاني
في غاية الدقة والإحكام ...
ويوجد من تشترك الحواس عنده في جو قصة يقرأها حتى أنه يشعر أنه يعيش فيها
، وبعضاً من هؤلاء الناس لهم هبة خاصة من الله حتى أنهم يتأثروا بقصص
السابقين وبخاصة الآباء القديسين ، ويستطيعوا بسهولة ويُسر أن ينقلوا
صوراً من حياتهم ويطبعوها على حياتهم فتصير حقائق الحاضر يعيشونها في
سلوكهم بالنعمة ...
ويوجد أنواع مختلفة من الناس لهم القدرة على الخيال بدرجات متفاوتة ما بين
البساطة والعبور للعمق والاتساع ولن أقدر أن اذكرها جميعاً ...
والخيال ككل المواهب الطبيعية التي وهبها الله للإنسان ، عُرضة للانحراف
عن مجراها الطبيعي ، فعوض من أن يكون الخيال سبباً لارتقاء الإنسان ونموه
في طريق التقوى واكتساب الفضائل والتأملات الحلوة التي تسبب نشوة للنفس
وتقويها بروح الرجاء والشغف لحياة المحبة ، تجده ينحرف فينساب في لأفكار
الشرّ والتلذذ بتصورات الشهوة ، وأيضاً ينحرف في الخيال المريض والتصورات
الوهمية وأحلام اليقظة الكاذبة ...
وهذا الخيال يصبح مشكلة حقيقية إذا لم يدرك الإنسان الانحراف الذي فيه ويتحكم في خياله الخصب ، لأنه سيكون عائق الصلاة العظيم ...
ومشكلة الخيال المنحرف والذي يشتتنا في الصلاة أنه محصلة لعدة قوى تغذيه وتنميه وهي :
الطموح ، العجز ، الشهوة المكبوتة ، الغيرة المرة ، الغضب ، الخوف
لذلك يشرد الذهن ليحقق ما لم يقدر على تحقيقه في أرض الواقع فيحلم ويتخيل
هذه الأمور وبالذات في وقت الصلاة ، وقد تصل لمنحى خطير وهو ملامة الله في
النهاية وعدم الإيمان والثقة فيه ، إذ يجد الإنسان أسئلة خاصة بلماذا الله
يتركه ولا يحقق له أمانيه ...
والعلاج هو بتحليل المواضيع التي يسرح فيها الفكر كثيراً ( ويُنصح
الالتجاء لأب روحي محنك ذو خبره عميقة مع الله وله موهبة الأبوة والحكمة
الإلهية وله دراية بطب النفوس ) وعلى سبيل المثال لا الحصر :
* إذا كان الفكر كثير الانشغال في الأمور الجنسية ، كان هذا كشف واضح لما
تعانيه النفس من كبت جنسي ، والعلاج هو يبدأ بالمعرفة بالتسامي الجنسي
ومعناه الجسدي السليم والنفسي والروحي ، وأيضاً أن يشغل الإنسان وقته في
الأعمال اليدوية أو الرياضة الجسدية أو أي هواية من الهوايات الفنية
كالموسيقى والألحان أو الرسم ... الخ ...
* إذا كان إذا كان انشغال الفكر بالتلذذ برؤية خسائر الآخرين أو الانتقام
من بعض الأشخاص ، أو الحلم بقتل شخص أو ضربه ، كان لك دليل قاطع على أن
الغضب والغيرة تملكان على النفس ...
* إذا كان الخيال مشغول بتأليف مواقف الانتصار والعظمة أو الحلم بأنه رئيس
آمر للآخرين والكل يطيعه ، أو أنه قديس يصنع معجزات وآيات ، كان ذلك دليل
على الكبرياء وعدم الرضى بالواقع وإهمال واضح في الأداء بالواجب الموضوع
على الإنسان ...
يقول القديس حزقيوس الأورشليمي :
[ كما يستحيل على الإنسان أن يُطارد عصفوراً طليقاً في الهواء لأن ذلك ليس
من طبيعة الإنسان ؛ كذلك يستحيل بمجهودنا البشري أن نهزم أفكارنا الجسدية
وطياشتها غي الشرّ ، أو نجبر عين العقل في الثبوت أمام الله ... يلزمنا أن
نستخدم الصلاة وطلب المعونة بلا انقطاع !
فإذا حاولت بمجهودك فقط أن تهزم أفكارك فأنت لا زلت تجري وراء العصفور عبثاً . ]
منقول