نيقام الشهيد التائب
هو ابن أحد أراخنة الأقباط، يُدعى بقيرة الصواف، وكان معاصرًا للبابا خرستوذولوس (1046-1077م)، وكان مستهترًا للغاية، عاصيًا لوالديه. إذ انتهره والده في إحدى المرات، ترك البيت وانضم إلى مجموعة من الشباب الأشرار الذين أغروه، فجحد مسيحه، وقطع صلته بوالديه وبالكنيسة، مع أن خاله هو الأنبا جرجس أسقف ميسارة، في نواحي قسقام والقوصية. توبته رجع إلى نفسه وأدرك خطورة ما فعله، وقدّم توبة صادقة. التقى بأحد الرهبان القادمين إلى القاهرة لقضاء شئون الدير، فأشار عليه أن يترك القاهرة وينضم إلى أحد الأديرة ليمارس حياة التوبة، وبالفعل ذهب الى دير الملاك ميخائيل. شهادته لمسيحه شعر بندامةٍ شديدةٍ، وكان ضميره يعذبه كيف يجحد إيمانه علانية ويتوب خفية، فصمم أن يشهد لمسيحه وسط الذين أنكره أمامهم. طلب من الآباء الرهبان أن يسندوه بصلواتهم، ثم ودعهم وانصرف. لبس نيقام زنارًا في وسطه، ووضع صليبًا على صدره، وأخذ يطوف أسواق القاهرة وشوارعها مرتديًا هذه الملابس التي كان يلتزم بها المسيحيون في ذلك الوقت. تعجب الناس لموقفه وتساءل كثيرون إن كان هو نفسه نيقام الذي أنكر الإيمان. أما هو فقال بكل شجاعة: "نعم أنا هو نيقام، وقد ندمت على ما فعلت، ورجعت إلى إيماني بالسيد المسيح، ولن أرضى به بديلاً". فتجمهر حوله البعض، وألقوا القبض عليه، واقتادوه إلى الوالي لمحاكمته. في السجن! حاوره القضاة وحاولوا إثناء عزمه، تارة بالوعود وأخرى بالوعيد، أما هو فكان ثابتًا على إيمانه. ألقوا به في السجن حتى يتم الحكم بقتله. هناك التقى براهبٍ قديسٍ كان من نزلاء السجن، أخذ يشجعه للشهادة للسيد المسيح حتى الموت. حاول والده إنقاذه إذ كان على صلة قوية بأحد أمراء جيوش المستنصر. تكلم مع صديقه فأخبره أنه لا طريق لإنقاذه إلا بأن يرسل إليه بعض الأشخاص في السجن فيتظاهر بالجنون، فيشهدون بذلك أمام القضاة ويحكمون بإطلاقه. أرسل الأمير رجاله إلى السجن، فلم يقبل أن يتظاهر بالجنون، بل بكل تعقلٍ واتزانٍ شهد لمسيحه. دُهش الأمير لموقف نيقام الجريء الشجاع، ولم يكن هناك طريق سوى تنفيذ القضاء عليه. استشهاده قاده الجلادون إلى ساحة الاستشهاد بجزيرة الروضة التابعة حاليًا لقسم مصر القديمة بالقاهرة بجوار منيل الروضة. تبعه عدد كبير بين حزينٍ وشامتٍ حتى جاءوا به إلى رأس الجسر، في موقع "كوبرى الملك الصالح" بمصر القديمة حاليًا. هناك نزل رئيس الشرطة المكلف بقتله عن بغلته واستل سيفه، وقال له: "أعطيك هذه البغلة ولجامها المُحلى بالذهب وسرجها النفيس، وأثبت اسمك في ديوان السلطان، وأجعل لك راتبًا ضخمًا إن رجعت عن رأيك يا نيقام". التفت إليه نيقام وبكل شجاعة قال له: "لو أعطيتني كل مملكة مصر لما أعرته اهتمامًا". اغتاظ رئيس الشرطة، وصفعه على وجهه وكان يلبس خاتمًا في إصبعه، فتورمت عينه في الحال. أما هو فكان بصبرٍ واحتمالٍ يشكر الله. عاد رئيس الشرطة يهادنه ويقدم له إغراءات جزيلة، أما هو فبكل قوة قال له: "لا تتعب نفسك مع إنسانٍ تأكد أن كل مجد العالم لا يساوي شيئًا يسيرًا من ملكوت السموات الذي يرغب الحصول عليه". ثم صلى ورشم نفسه بعلامة الصليب وجثا على ركبتيه وهو شاخص إلى السماء نحو الشرق. حاول أحد المؤمنين أن يغطي رأسه حتى لا يجزع من رهبة الموت لكن الجنود منعوه. فناداه قائلاً: "تشجع يا جندي المسيح، فإنني أرى ملاكًا فوق رأسك وبيده إكليل جهادك". ضرب الجلاد رقبته، فطارت رأسه وسلم روحه في يد مخلصه وهو في الثانية والعشرين من عمره. نور يشرق على جسده تُرك جسمه في العراء تحت حراسة مشددة، وفي منتصف الليل ظهر نور عظيم أشرق على الجسد، فذُهل الحراس وارتعبوا. إذ سمع الخليفة المستنصر بذلك أمر بدفنه، فجاء والد الشهيد نيقام ودفن جسده عند كنيسة الملاك المختارة، بجوار بستان المختار الذي غرسه الأخشيد بجوار مقياس الروضة. استمرت هذه الكنيسة قائمة إلى زمن البابا مكاريوس الثاني (1102-1128). بعد ثلاثة أيام من استشهاده جاء البابا خريستوذولس إلى الكنيسة وأمر بأن يُدفن داخل الكنيسة. وإذ أخرجوه من القبر كشف البابا أكفانه ليتبارك منه ودفنه في مقبرة خاصة داخل الكنيسة بإكرام جزيل. إذ هُدمت الكنيسة نًقل الجسد الطاهر إلى كنيسة الملاك ميخائيل القريبة من حصن بابيلون. نبيل فرج ميخائيل: سيرة الشهيد نيقام التائب، مايو 1991.
المسلمون فى مصر يقطعون رقبة عنق الصبى نيقام أبن بقورة لأنه آمن بالمسيحية
كنت مسلماً وأنا الآن نصرانياً أؤمن بالمسيح
وحدث فى ذلك الزمان أن ولد من أولاد الأقباط عمره 12 سنة إسمه نيقام إبن بقورة ونيقام تعنى التائب وهو إبن أخت جرجه أسقف ميساره ترك دينه وإعتنق الإسلام فرفضه أبوه وأمه وأبعدوه عنهم وأحس أنه عمل جرماً عظيماً فندم ورجع وذهب إلى كنيسة الملاك ميخائيل وأقام بها أياماً ثم فكر فى الذهاب إلى دير أبو مقار بعد أن أشار عليه بعض الرهبان ذلك فلما أراد الرهبان الرجوع إلى ديرهم قال لهم الصبى : " ما منفعتى إذا مضيت معكم ولم أعترف بالمسيح فى المكان الذى أنكرته فيه " ثم تركهم وشد زناره ( الذى الخاص الذى أمر المسلمين الأقباط بلبسه ) وخرج يمشى فى أسواق مصر ويقول : "كنت مسلما وأنا الآن نصرانياً أؤمن بالمسيح .. كنت مسلماً وأنا الآن مؤمن بالمسيح " وكان أبوه بقوره الصواف يتعامل مع كبار رجال الدولة ومنهم الأستاذ عده الدولة رفق ويتولى زمام الأتراك والقصر ومن قرايب الخليفة , ولما رأى المسلمين زناره الذى يلبسه المسيحين بعد إسلامه أخذوه وإجتمعوا عليه وذهبوا إلى الشرطة فإعتقله الوالى وضيق عليه فى سجن الدم ( وهو سجن داخلى خصص للتعذيب الشديد )
الصبى أبن بقورة يفضل أن يستشهد على أسم المسيح على أن يتظاهر بالجنون
وعذبه عذاباً شديداً فذهب أبوه إلى صاحبه عده الدوله رفق ووعده بالكثير من الأموال على أن يخلص إبنه فقال له : " لا أقدر أن أفعل شيئاً إلا أن يرضى ولدك بأن يتظاهر بالجنون , وأرسل أنا بعض الشهود إلى السجن ينظروه ويسمعوا كلامه وأخلصه ويكون نصرانياً " .. وعندما كان الصبى فى الحبس كان معه راهب سريانى فوعظه وأنار قلبه ووضح له طريق الشهادة وجعل الموت فى سبيل الإيمان بالمسيح له أحلى من الشهد فإشتهى الصبى أن يقتل على إسم المسيح ويؤثره على الحياه , وأرسل الوالى شهوداً ليسمعوا قول الصبى حسب الإتفاق فلما قابل الصبى الشهود كلمهم بعقل وإتزان وإعترف بإيمانه بالمسيح كلمة الإله الحى وأنه نصرانى إبن نصرانى مسيحى مصرى قبطى فقالوا : " إنما قيل لنا أنك فعلت هذا عن جنون قد لحقك " فقال لهم لو كنت مجنون لما حافظت على دينى وإيمانى وأنا بحمد ربنا عاقل ومؤمن بكلمة الهنا المسيح له المجد " فأرسلهم الوالى إلى الوزير وقصوا عليه ما حدث بحضور عده الدوله رفق فأمر الوزير بإعدامه لأجل أنه أصبح على عقيدة المسيحين فذهب سير السلطان أمير جاندار مع الوالى إلى الشرطة وأعطوهم الأمر بقتله ..
الإسلام والتهديد والوعيد
فأعلموا الصبى بذلك الأمر ولاطفوه ورغبوه وهددوه فلم يرجع عن الإعتراف بالسيد المسيح , ولما يأسوا منه أخرجوا الصبى من السجن وحوله العسكر وتبعه خلق وشعب كثير من المصريين والجنود وغيرهم وبأيديهم عصى والآت عذاب ولم يتمكن نائب الخليفة أن يمد يد المعونه إليه ولما وصلوا إلى قمة الجسر نزل النائب من على بغلته وكان عليها سرج ولجام بحليه ثقيله وخلع سيفه الجلى ووضعه على السرج وهو يلمع تحت أشعة الشمس وقال للصبى : " خذ البغله وما عليها وأنا أثبت أسمك فى ديوان السلطان وأجعلهم يعطونك راتباً تقبضه كل سنة وإرجع عن دينك " فقال له الصبى : " لو دفعت لى ملك مصر لن ألتفت إليه " فرفع النائب يده ولطمه وكان فى إصبعه خاتم كبير من الذهب فتورمت عينى الصبى فى الحال من قوة الضربة ووجود هذا الخاتم ثم قال للسياف : " جرد سيفك " فجرده .. فقال النائب للصبى : " إنظر السيف فإنه قاطع " .. فقال له : " يا مولاى وجريده أيضاً تقطع " وحاول بعض الحاضرين من الرجال أن يعصبوا عينيه فقال لهم الصبى : " لا تحتاجون ذلك "
يقدم رقبته للسياف
وقام الصبى بقطع من كمه خرقه وعصب بها عينيه بيده وبرك على الأرض ساجدا وحول وجهه إلى الشرق ورشم علامة الصليب وصلى ومد عنقه فأراد السياف أن يدفعه بالقوه نحو قبلة المسلمين فلم يستطع وقالوا له : " أما تطلب شيئاً قبل أن تموت" فطلب ماء وحتى الماء لم يعطوه ليشرب ثم مد عنقه فضُربت فوقع جسمه وبطنه على الأرض أما رأسه فوقعت على العنق وظلت متجهه إلى الشرق حتى تعجب الجمهور الذى رأى ما حدث , وترك الوالى أربعه من الحراس يحرسوا جسده فى تلك الليله إمعانا وذلاً للمسيحين لعدم دفنه فرأى الحراس بالليل نوراً عظيماً مفزع فجن إثنين منهم ولما ذاع خبر جنانهم ورؤيه النور بين المسلمين أخرجوا الأثنين الآخرين من مصر وكتٌموا على هذا الحدث ويعتقد أنهم آمنوا بالمسيحية ووصل خبر ظهور النور وفقد إثنين عقلهم من حراس الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنين فأمر بإعطاء الإذن لأهله الأقباط بدفنه حيث يريدوا فحمله أبوه بين يديه إلى كنيسة الملاك ميخائيل ودفنه خارج الباب وسمع البابا البار اخرسطودلوس بما حدث وكان فى دير الشمع فإتجه إلى كنيسة الملاك ميخائيل فوجدهم دفنوه خارج الكنيسة فلم يوافقهم على ذلك وقال : " شهيد يدفن خارج الكنيسة " وأمر بهدم القبر وحمل الكفن وكشف عنه الكفن ليقبله ويتبارك منه فوجد عليه دماً طرياً كأنه نذف حديثاً فأخذ من الدم ورشم به علامة الصليب على ثيابه وبنى مذبح فى الكنيسة على إسم الصبى بفام إبن بقوره وكرزه ودفنه مقابل المذبح على وجه الأرض بركه صلاة هذا القديس الشهيد تكون معى ومعكم يآبائى وإخوتى آمين